amazing موبليات العبد
احدث الاخبارمنوعات

“الدليفري”.. على باب الله

amazing

متابعة \غادة ناصر

الدليفرى» إحدى أكثر المهن الشاقة، عرفتها مصر خلال العقدين الأخيرين، ترى أصحابها يجوبون الشوارع ليلا ونهارا، ويمكنك أن تميزهم على درجاتهم البخارية وهم يقفزون بين السيارات، مسرعين لتوصيل الطلبات، سواء كانت أطعمة أو مستلزمات المنازل من السوبر ماركت، فضلًا عن الصيدليات ومعامل التحاليل، بل إن «الدليفرى» وصل لعربات الطعام الموجودة فى الشوارع، والتى انتشرت خلال الآونة الأخيرة. يرى الجميع أنها الأكثر خطورة وإرهاقا على العاملين فيها، وفيها يقضون أغلب أوقات عملهم فى الهواء الطلق، بعد أن لجأت المحلات التجارية المختلفة للاستعانة بهم لتوصيل طلبات الزبائن أو المستهلكين للمنازل فى أى وقت، ولكن دخولها قطاع الصحة أمر تعجب منه بعض المواطنين، بعد تحول «الدليفري» إلى جزء لا ينفصل عن مختلف القطاعات ومجالات البيع والشراء للمواطنين أو المستهلكين.

ومع كل هذه الخطورة والأجر الزهيد، إلا أن عامل «الدليفري» أصبح مثالا صارخا لـ«العمالة غير المنتظمة»، والتى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، مطالبا بضرورة تقنين أوضاعهم، وتوفير التأمينات الاجتماعية والمعاشات ومشروعات علاج لهم، مطالبًا الحكومة بالبحث عن وسيلة لتأمين هؤلاء العمال، والحفاظ على حقوقهم، والبحث عن بدائل تضمن لهم تأمينًا صحيًا واجتماعيًا، وهى المبادرة التى يراها الجميع طوق النجاة لقطاع كبير من المصريين يعملون دون مظلة.

خدمة توصيل الطلبات.. مهنة بلا حقوق

على الرغم من انتشار عمال «الدليفري» فى مختلف محافظات الجمهورية، إلا أنهم يعانون العديد من المصاعب المختلفة، والتى تبدأ بحوادث السير التى قد يتعرضون لها أثناء عملهم عبر الدراجات النارية «الموتسيكل»، أو مضايقات «الزبائن»، قائلين: «إحنا مش حرامية أو مجرمين إحنا عايزين ناكل عيش».. بهذه الكلمات بدأ «محمد حسن، عامل دليفرى فى أحد المطاعم الشهيرة، حديثه عن معاناة عمال الدليفرى والمضايقات التى يتعرضون لها يوميًا من قبل الزبائن أو المواطنين فى الشوارع، موضحًا أن المواطنين يعتقدون أن كل من يقود «موتسيكل» أو دراجة بخارية، هو شخص حرامى يرغب فى سرقتهم دون التمييز بين الموتسيكلات المخصصة للدليفري، والتى فى الغالب تحمل شعار أو اسم المطعم والأخرى التى يمتلكها المواطنون كنوع من أنواع وسائل المواصلات المعتادة.

وتابع: عامل «الدليفري» يضطر لتحمل هذه المضايقات والاستماع للإهانات المختلفة، سواء بنظرات المواطنين أو التحدث عنهم، واحتمالية قيامهم بالسرقة وإلى غير ذلك، لافتًا إلى أنه هناك نوع آخر من المضايقات والتى يتعرض لها العامل فى محاولة بحثه عن العنوان المطلوب لتوصيل الطلبات إليه، قائلًا: «إحنا مطعم مشهور شغلنا لا يقتصر على منطقة معينة، بل لأماكن ومناطق مختلفة فى القاهرة، وساعات العنوان لا يكون واضحا للعامل بشكل كبير، ويضطر يسأل فى المنطقة عن العنوان وممكن يطرق باب شقة ويجد العنوان خطأ، ومن الممكن أن يتلقى سباب أصحاب الشقق، لأنه طرق على الباب، ووجد أن العنوان غير صحيح، ويصل الأمر فى بعض الأحيان للسب والقذف ويضطر العامل للتحمل حتى لا يقطع عيشه».

وأضاف حسن، أنه بحث عن عمل لفترة طويلة، سواء بالبحث على الإنترنت أو النزول والسؤال فى مختلف المحلات التجارية، موضحًا أنه تعرض للعديد من الإعلانات الوهمية و«المقالب» التى تسعى للنصب على المواطنين أثناء فترة البحث، حتى وجد مطعما شهيرا يريد عامل «دليفري»، وقام بالتقدم للوظيفة بملء استمارة الوظيفة وتقديم الأوراق المطلوبة، وهى صورة البطاقة الشخصية وشهادة الجيش والفيش والتشبيه وشهادة صحية ورخصة قيادة والمؤهل الدراسي، وتم قبوله فى الوظيفة ووفر المطعم دراجة بخارية أو «موتسيكل» يقوده لتوصيل الطلبات للمنازل، متابعًا أن المطعم يسعى لاختيار العاملين لديه بدقة كبيرة، فضلًا عن حمايتهم فى حال التعرض لحوادث سير أثناء العمل بالتأمين على حياتهم ضد الحوادث فى بداية العمل، ويتكفل بنفقات إصابته وعلاجه لحين عودته مرة أخرى للعمل.

وأوضح، أن زملاءه العاملين فى «الدليفري» تعرض البعض منهم لحوادث سير أثناء العمل، ولكن المطعم تحمل تكاليف إجراء عمليات جراجية لهم وعلاجهم بشكل كامل حتى شفائهم، بالإضافة إلى استمرارية صرف مرتباتهم شهريًا، مضيفًا أنه عقب شفائهم يعودون للعمل إذا سمحت حالتهم الصحية بهذا الأمر، ولكن فى حال عدم إمكانية العامل من استمراره فى مهنة «الدليفري» قد يتم تسريحه من العمل بشكل نهائى دون صرف مكافأة عقب نهاية عمله، وهو أمر صعب ويساعد على زيادة نسبة البطالة فى البلاد، حيث إن أغلب عمال الدليفرى تتراوح أعمارهم ما بين العشرينات والثلاثينات مما يجعلهم يندرجون تحت فئة الشباب، ولكنهم قد يصبحون عاجزين عن أى عمل فى حال تعرضهم لحوادث كبيرة أثناء عملهم كـ«دليفري»، وبالتالى فإن هذه المهنة من أخطر المهن التى من الممكن أن يقبل عليها الشباب فى الوقت الحالي.

وطالب عامل الدليفرى فى أحد المطاعم الشهيرة، الحكومة بضرورة التأمين على عمال «الدليفري» أو اليومية، وأهمية تواجد جهة مسئولة للتحدث عن أوضاعهم المهنية والأزمات المختلفة التى قد يتعرضون لها، مشيرًا إلى أن المطعم أو المحل الذى لديه عمال «دليفري» قد يتخلى عنهم فى حال عدم تمكنهم من مزاولة العمل مرة أخرى فى حال التعرض لحادث ما يسبب للعامل العجز عن قيادة «موتسيكل»، قائلًا: «ياريت يعملوا لينا جهة أو نقابة لعمال اليومية فى مختلف المهن والفئات العمرية المختلفة، واللى إحنا منهم، لأن شغلنا مؤقت مش دايم أو ثابت ممكن حد منا يتعرض لحادثة تخليه ميعرفش يشتغل دليفرى تانى وهيقعد فى البيت».

وأشار إلى أن العمل فى المطعم بين عمال «الدليفري» يتم عن طريق الأدوار، حيث يخرج العامل لتوصيل الطلبات للمنازل بناء على دوره المحدد بين زملائه الآخرين، دون اختيار عامل للمناطق الراقية وآخر للمناطق الشعبية كما هو معتقد، موضحًا أن المطعم قبل تعيينه لعامل يُحدد شروطا لقبوله، ومن بينها أن يكون حسن السير والسلوك. ويقول عبدالله محمد، عامل دليفرى فى أحد المطاعم الشهيرة، إنه تعرض لحادث سير منذ فترة أثناء قيادته للدراجة البخارية «الموتسيكل» لتوصيل الطلبات للمنازل، موضحًا أن هذا الحادث أدى إلى إجرائه عملية جراحية فى قدمه اليسرى ونتج عنها تركيبه «مسامير فى الركبة»، ولكن المطعم تحمل تكاليف العملية والعلاج بعد إجرائها.

وتابع، أنه عقب هذه العملية الجراحية ظل دون حركة فى منزله لمدة حوالى ٧ شهور، ولكن تحمل المطعم كافة هذه النفقات، فضلًا عن صرف مرتبه الشهرى بشكل طبيعى طوال فترة غيابه عن العمل، حتى تمكن من عودته للعمل مرة أخرى، مشيرًا إلى أن عمال «الدليفري» فى مطاعم ومحلات أخرى لا يحصلون على هذه الأمور فى حال تعرضهم لحادث، بل إنهم يجدون أنفسهم بلا عمل أو مرتب أو علاج لإصاباتهم المختلفة، قائلًا: «العمال اللى بيترموا فى الشارع بعد إصابتهم فى الشغل بيكونوا عرضة للبطالة أو اللجوء إلى الطرق غير القانونية لكسب الأموال سواء بالسرقة أو الشحاتة فى الشوارع وغيرها».

وناشد محمد، الحكومة بضرورة التدخل وحماية هؤلاء العمال وحقوقهم المهدرة وفكرة تخلى أرباب العمل عن العمال حال تعرضهم لحوادث أثناء العمل، وعدم حصولهم على مستحقاتهم اللازمة سواء فى العلاج أو تعويض مادى مناسب لما تعرضوا له جراء هذا الحادث، مقترحًا تخصيص معاش شهرى بعد بلوغ عمال اليومية السن القانونية، تجنبًا لأزمة تركه دون عمل أو عائد مادى يحصل عليه عقب انتهاء مدة عمله أو توقفها لسبب قهري.

وفيما يخص الراتب، أوضح أن المطعم يتعامل مع عمال «الدليفري» بنظام الراتب الشهري، بالإضافة إلى تخصيص نسبة للعامل قد تصل إلى حوالى ٦٠٪ من الطلبات التى يقوم بتوصيلها للمنازل يوميًا، فإن هذه النسبة تتم إضافتها إلى فواتير الحساب الخاصة بالزبائن، مشيرًا إلى أن الدراجة البخارية «الموتسيكل» قد توفرها بعض المطاعم أو يشترط امتلاك العامل لدراجة خاصة به للعمل عليها. بينما قال شعبان راضي، عامل دليفرى فى أحد المطاعم الشعبية الشهيرة، إنه يعمل فى هذه المهنة منذ سنوات طويلة، لزيادة دخله الشهري، موضحًا أنه تعرف على حاجة المطعم لعامل «دليفري» من خلال إعلان مطبوع معلق فى أحد الشوارع، وبحث عن التفاصيل الخاصة بالراتب أو الأوراق المطلوبة للوظيفة أو الموتسيكل وغيرها بالتواصل مع رقم المطعم.

amazing amazing

وتابع، أن عامل «الدليفري» قد يتعرض لمشاكل وأزمات مختلفة، سواء فى الشارع أثناء قيادته للموتسيكل أو بالتعامل مع الزبائن، فضلًا عن ضغط عامل الوقت على العمال والذى يكون سببا رئيسيا فى وقوع بعض الحوادث لعمال «الدليفري»، قائلًا: «العامل بيكون عايز يلحق يوصل الطلبات فى الوقت المحدد وللعنوان المطلوب، وده ساعات بيخليه يسوق الموتسكيل بسرعة، وممكن ينتج عنه حوادث كبيرة مبيضررش منها غير العامل بس سواء صحيًا أو ماديًا»، مضيفًا أن بعض المطاعم قد لا تتحمل المسئولية فى حال تعرض عامل «الدليفري» لحادث ما، بل إنها قد تتخلى عنه تمامًا وتفصله عن العمل وتبحث عن عامل آخر بديل له، أو على الجانب الآخر من الممكن أن يتعرض عامل «الدليفري» لسرقة «الموتسيكل» أثناء توصيله طلبات فى منطقة ما، وبالتالى يجب ضمان عدم إجبار صاحب العمل عامل «الدليفري» على تحمل مسئولية السرقة وغيرها من المواقف التى قد يتعرض إليها العامل يوميًا.

وطالب عامل الدليفرى فى أحد المطاعم الشهيرة، الرئيس السيسى بالتدخل لحماية حقوق عمال اليومية، وتوفير ضمانات مختلفة تُجبر صاحب العمل على حفظ حقوق العمال، وفى حال المخالفة يتعرضون للمخالفات القانونية، مضيفًا أن العمال مسئولين عن أسر كاملة، وتدهور أوضاعهم يعود بالسلب على هذه الأسر وتدهور أوضاعها الاجتماعية والمادية، مقترحًا تخصيص مسئول يتحدث عن أزمة العمال فى مصر بمختلف أعمارهم، وفى مختلف المهن، سواء كان العامل فى محل فطائر أو بيتزا أو كبدة أو كباب وغيرها من المطاعم أو عامل باليومية فى مجالات أخرى، أو عمل نقابة لعمال اليومية أو جهة قانونية مسئولة عن هؤلاء العمال من أجل الحفاظ على حقوقهم المهدرة من أصحاب العمل وحمايتهم بشكل كامل من مختلف الأزمات والمشاكل التى قد يتعرضون لها، فضلًا عن قيام هذه الجهة أو النقابة بنقل مشاكلهم للحكومة وللرئيس السيسي.

ع

amazing amazing
amazing amazing
amazing amazing

مقالات ذات صلة

amazing amazing
زر الذهاب إلى الأعلى